لا لحرب تکرس الهیمنة و التطرف و الدکتاتوریة … نحو شرق أوسط جدید ینعم بالحریة و السلام

لا لحرب تکرس الهیمنة و التطرف و الدکتاتوریة  … نحو شرق أوسط جدید ینعم بالحریة و السلام

لا تزال الحرب الإسرائیلیة – الإیرانیة مستمرة بقوة و یبدو بأن الضربة الأمریکیة  الإخیرة للمنشآت النوویة الإیرانیة  و تورطها العسکري المباشر وإن وجهت ضربة ممیتة للمساعي النوویة للبلاد إلا إنها لم تؤدي إلی تراجع حدة المواجهة العسکریة. ولم تأت شرارة إندلاع الحرب من فراغ بل کنتیجة لعقود من صراع مریر وصلت ذروتها في أکتوبر ٢٠٢٣ إثر إجتیاح قوات حماس والفصائل الفلسطینیة الأخری لمناطق غلاف غزة و المستوطنات الإسرائیلیة و الهجوم العسکري الشرس للقوات الإسرائیلیة للقطاع التي تلته و مانجم عنه من دمار شامل و تشرید مئات الآلاف عداآلاف آخری من الضحایا بین قتیل و جریح من بین الفلسطینیین.

لقد تلقفت الحکومة الیمینیة الإسرائیلیة برئاسة بنیامین نتنیاهو و منذ الیوم الأول ما قامت به حماس من مغامرة غیر محسوبة النتائج و صبیانیة بدفع من إیران جاعلة منه ذریعة لإحداث إنعطافة تاریخیة  في ستراتیجیتها تجاه الفلسطینیین والمنطقة عن طریق توسیع نطاق الحرب لتشمل سوریا و لبنان و الیمن مستغلة الموقف المتفرج لسائر الدول العربیة و الدعم الأمریکي الهائل والتعاطف العالمي معها نتیجة لما إقترفته حماس من مجزرة بحق المدنیین و سکان المنطقة من الإسرائیلیین.

لیست الحرب الإسرائیلیة – الإیرانیة سوی تعبیر عن وصول الصراع المریر إلی مستویات غیر مسبوقة بین مشاریع التوسع و الهیمنة و الإستحواذ علی مقدرات المنطقة و شعوبها و لي أذرع أنظمتها السیاسیة والتحکم بمستقبلها بین طرفي الحرب الراهنة.

فإسرائیلیا تکمن أهداف الحرب وفي موازاة مع المشروع الأمریکیة لمنطقة الشرق الأوسط في جملة من النقاط أبرزها:

١/ إنها حلقة مصیریة في بناء المعادلات الجیو- سیاسیة في المنطقة بشکل یکون فیها إسرائیل هي القوة المهیمنة سیاسیا و أمنیا لأمد ستراتیجي.

٢/ یتطلب الهدف المار ذکره إحداث تغییر جوهري في المعادلة العسکریة و تقلیم أظافر إیران وأذرعه في المنطقة أمثال میلیشیات حزب الله والحوثیین و کذلك حماس بأتجاه إنهاء نفوذه بشکل کامل.

٣/ و علی الرغم من المکاسب العسکریة  الهائلة التي أحرزتها منذ الثامن من أکتوبر ٢٠٢٣  کتدمیر حماس و تقزیم قدرات حزب الله في لبنان و فرض الإستسلام المذل علیها و کسر شوکة الحوثیین و حریة الحرکة في سوریا منذ سقوط نظام بشار الأسد فإن إسرائیل تدرك بأن تحویل کل تلك المکاسب إلی إنتصار ستراتیجي یستحیل دون تدمیر القدرات النوویة و البالستیة لایران و کسر شوکته أمام شعبه و في الساحة الإقلیمیة و الدولیة حیث یتکلل النصر النهائي آنذاك و تشل قدرات النظام الإیراني و بما تحمله من معاني و إنعکاسات سیاسیة سواء في الداخل الإیراني أو في مناطق نفوذه في المنطقة.

٤/ کل تلکم الأهداف المنجزة لاتشکل إلا مقدمة ضروریة لبناء الشرق الأوسط الجدید حسب الرؤیة الإسرائیلیة – الأمریکیة المشترکة و  هدفهما الستراتیجي. و تعني الشرق الأوسط الجدید من المنطلق المذکور ترسیخ الهیمنة الأمریکیة – الإسرائیلیة و کأنها إستحقاق سیاسي ستراتیجي مشروع و خیار وحید تقود منطقة الشرق الأوسط نحو عصر من الرخاء الإقتصادي عن طریق دمج عملیة التنمیة فیها بصورة أوثق بألإقتصاد الأمریکي و خاصة في ظل تزاید حاجة العالم للنفط و الغاز و الفائض المالي الهائل عدا کونها سوقا ضخمة للإستثمارات و التصدیر.

إن مآلات تلك الأهداف المنشودة إسرائیلیا تنحو بإتجاه إقامة علاقات طبیعیة بین إسرائیل و محیطها العربي و الإسلامي و إنهاء عقود من الصراع و التشنج و العداء و دمجها ککیان سیاسي شرعي ذات نفوذ مع المنظومة الجیو- سیاسیة و الأمنیة في بیئتها الراهنة بمبارکة و رعایة أمریکیین.

أما في الطرف الآخر من معادلة الصراع فتقف الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة بطموحاتها و أهدافها و مشاریعها و أربعة عقود و نصف من النشاط و التوسع في المنطقة و التي تتلخص بإیجاز بمایلي:

١/ تحولت إیران بفضل سیاساتها الرادیکالیة الدینیة وطبیعتها الشمولیة و رعایتها للتیار الإسلامي الشیعي و الإسلام السیاسي علی وجه العموم، و نزعتها التوسعیة المتسترة بشعار ( تصدیر الثورة ) و خنقها لکل الإصوات الحرة و إقامتها لنظام ثیوقراطي شبیه بالقرون الوسطی، و طاقاتها الهائلة للخنق  والتدمیر و العشرات من أجهزتها القمعیة المسلحة و ….الخ، ألی مصدر لعدم الإستقرار و قوة إقلیمیة کبیرة تعامل المجتمع الدولي وحقوق الأنسان و الشرائع العالمیة و قوانینها وإلتزاماتها بالإستهتار وفق منطق الشیطان الأکبر و الإستکبار العالمي وتحت ذریعة محاربة أمریکا و طغیانها.

٢/ لم تتوانی الحکومة الإیرانیة الإسلامیة ومنذ تبوئها السلطة في ١٩٧٩ إثر قمعها و تحریفها لإنتفاضة الشعب الإیراني عن طریق إستغلالها بدهاء الدیماغوجیة الدینیة في منافسة الأنطمة الإستبدادیة في المنطقة و تسابقها مع  نظام الدکتاتور العراقي صدام حسین و الحکومة الإسلامیة الترکیة بقیادة رجب طیب أردوغان في إستغلال معاناة الفلسطینیین و إحتلال أراضیهم من قبل إسرائیل و جعل القضیة الفلسطینیة کقمیص عثمان في تبریر توسعها الإقلیمي و سیطرتها علی مقدرات شعوب المنطقة و أنظمتها.

لقد لعب النظام الإیراني دورا تخریبیا في تشویه القضیة العادلة للشعب الفلسطیني و جعل غزة ملاذا و مسرحا لنشاط حماس و غیرها من الفرق الإسلامیة الجهادیة المتطرفة و ما آل إلیه مصیره في نهایة الأمر و توفیره الحجة لإسرائیل لتبریر هجمتها الظالمة. هکذا تمکن النظام الإسلامي الإیراني من تشویه القضیة الفلسطینیة و تضحیات شعبها و دفعها مئات الأمیال إلی الوراء و تعقید سبل حلها و جعلها ضحیة لنزعاتها التوسعیة و الإستبدادیة مثلما فعل صدام و ‌أردوغان.

٣/ لقد رفعت الحکومة الإیرانیة الإسلامیة منذ الیوم الأول لتبوأها الحکم شعارات دیماغوجیة معادیة للیهود کجزء من مساعیها لإستغلال تراجع الأنظمة القومیة العربیة و فشلها في مجال موقفها من القضیة الفلسطینیة. إن التعاطي مع قضیة الصراع الإسرائیلي – الفلسطیني وفق رؤیة دینیة و عنصریة و تشدید النزعة القومیة الضیقة بین الفلسطینیین و إسباغ الصبغة الدینیة علی نضالهم من أجل نیل حقوقهم، و دفع نضالهم العملي بإتجاهات رادیکالیة و متطرفة و جهادیة، کانت کلها بمثابة هدایا مجانیة للیمین الإسرائیلي و سیطرتها علی الحیاة السیاسیة في إسرائیل و لعبت دورا لایستهان بها في سد الأبواب أمام أي حل سلمي یحقق التعایش السلمي و نیل الشعب الفلسطیني لحقوقه .

٤/ تعتبر ضیق الإفق الدیني و المذهبي و تشجیع النعرات الطائفیة و المذهبیة وإذکاء الصراع و العداء لحد التقاتل المذهبي بإسم السنة و الشیعة و في مجری محاربة إسرائیل من الوسائل الرئیسیة التي لجأت إلیها إیران في المنطقة.

إن الدور المشین لإیران في تخریب الحیاة السیاسیة و الثقافیة و الإجتماعیة في العراق و سوریا و لبنان و الیمن و تشدید أوار نار أزماتها سواء عن طریق التدخل المباشر أو غیر المباشر، بالوسائل   والسبل العسکریة و الثقافیة أو عن طریق تأسیس و تشجیع المیلیشیات و عسکرة و الحیاة السیاسیة ، هي کلها جملة من التداعیات البارزة و الأمثلة الحیة للتدخل الإیراني و نموذجها و أسالیبها المزعومة في مواجهة إسرائیل و دعم القضیة الفلسطینیة.

إن تقییم أي نزاع عسکري أو حرب مسلحة بین طرفین أو أطراف عدة منخرطة في النزاع لا تستقیم بدون معرفة طبیعة تلك الطرف أو الأطراف المنخرطة دولة کانت أو قوی سیاسیة أو میلیشیات أو جماعات مسلحة.

وکما قالها کلاوزفیتز منذ أکثر من قرنین فلیس الحرب سوی إستمرار للسیاسة بوسائل عنیفة. 

إن أهداف طرفي الحرب الإسرائیلیة – الإیرانیة تختلف إختلافا جذریا بشکل لا یبقي مجالا للتعایش بینهما في ظل المعطیات الراهنة. و تنبع تلك الأهداف المختلفة من الطبیعة الخاصة و المتناقضة لکلا النظامین. کما إن السیاسة الخارجیة لکل النظامین، و التي یعتبر الحرب إحدی تجلیاتها، تنبع من  ضرورات و متطلبات السیاسة الداخلیة و لا فکاك بین صعیدي الفعل السیاسي تلك.

تعتبر إیران نظاما منبوذا دولیا و إقلیمیا لا بین صفوف الدول و الأنظمة السیاسیة فقط بل بین کل شعوب الأرض.

إن الطبیعة القمعیة و الشمولیة للنظام و تبعیتها لإرادة رهط من رجال الدین برعایة مرشدهم الأعلی علي الخامنئي بوصفه ولیا للفقیه و مایتمتع به وفق دستور البلاد من سلطات أبدیة مطلقة و التنفیذ الحرفي للشریعة الأسلامیة بوصفها المصدر الأسمی و الوحید و المطلق لکل المنظومة الدستوریة و القانونیة و الحقوقیة تجعل من النظام السیاسي الإیراني نموذج حي للشمولیة الدینیة التي تتعارض بشدة مع کل سمات العصر و معالم الحضارة البشریة المعاصرة.

و قد کرس النظام المذکور ٤٦ عاما من قهر لا مثیل له لشعب ذو حضارة و رقي ثقافي و مدني وذو نزوع کامل للتفاعل مع التمدن العالمي و توقه للحریة و العدالة و المساوة و السؤدد، حیث کانت العقود الأربعة المنصرمة سنینا من صراع مستمیت بین شعب یرنو لحیاة حرة بکل ماتعنیه من کلمة و نظام قروسطي شمولي دموي و قمعي متخلف بکامل أبعاده.

کما تقطن إیران مجموعة کبیرة من القومیات المختلفة عدا الفارسیة کالآذریین و الکرد و العرب و البلوج و الترکمان حیث لازالت کلها محرومة من حریة المشارکة في الحیاة السیاسیة و إدارة شؤون البلاد بحریة و ممارسة ثقافتها و الدراسة بلغتها، عدا الخنق التام لحریة النشاط السیاسي و الأعلامي و تشکیل المنظمات المهنیة و السیاسیة في عموم إیران. لقد ثار الشعب الإیراني بکل مکوناته إحتجاجا علی قتل الفتاة الکردیة زینا / مهسا أمیني لعدم تقیدها بمراعاة الحجاب الإسلامي في ٢٠٢٢ إلا إن النظام إستطاع قمع حرکتهم المعروفة ب ( المرأة، الحیاة ، الحریة ) بقسوة لا نظیر لها في ظل لامبالاة القوی الکبری.

إن طبیعة النظام الإیراني و ما تعنیه في الداخل تجاه مواطنیها بالإضافة إلی الدور التخریبي للنظام علی صعید المنطقة ونبذه التام للمرأة في الحیاة الإجتماعیة و فرض الحجاب علیها بالقوة و منعها من مزاولة حریاتها تشکل  خلفیة لا غبار علیها بوسعها التعبیر عن التطلعات الراهنة للنظام و مکانة برنامجها النووي و البالیستي و مشاریعه في المنطقة بهدف ترسیخ رکائز سلطته القمعیة في الداخل أیضا.

لیست سیاسة التسلیح النووي و غیرها إلا وسیلة لإستمرار تسلط الحکم الشمولي و الدکتاتوریة في الداخل و تشدید سیاسة کم الأفواه و الإعدامات المستمرة بحق الشعب الإیراني المناضل من أجل الحریة و الحیاة الکریمة و التعایش الأخوي مع شعوب و بلدان المنطقة من جهة و مواصلة التدخل و التوسع و توتیر اجواء المنطقة و إثارة التطرف ودعم الحرکات الجهادیة و تشدید الفرقة الطائفیة و المذهبیة بین شعوبها و إبتزاز دول الخلیج و کل من لا یأتمر بأوامرها و الهیمنة في آخر الأمر کإمبراطوریة شر إقلیمیة و تمریر کل ذلك بذریعة القضاء علی إسرائیل و بناء ترسانتها العسکریة المدمرة من أجل تحقیق الهدف المذکور.

لقد ترك التدخل الإیراني في شؤون العراق آثارا لا یمحی. فمن السعي لجعل البلاد ساحة لتصفیة الحسابات مع الولایات المتحدة و تحریض المیلیشیات الشیعیة علی العنف و الطائفیة و إبتزاز العراق من الناحیة الإقتصادیة و المالیة و جعله مسرحا لصولات الحرس الثوري و جولاته و ثلم سیادته و مصادرة قراره السیادي وقصف اقلیم کردستان حیثما تشاء بحجج تواجد قوی المعارضة الکردیة الإیرانیة و غیرها أثرت بصورة لا یستهان بها في الحیاة السیاسیة في البلاد بصورة سلبیة جدا. 

  إننا لعلی قناعة راسخة بإن المنطقة ستکون أکثر أمانا و تتمتع بالسلام و الطمأنینة و الإستقرار والتعایش السلمي بین شعوبها عندما تکف طرفي الحرب الراهنة عن مشاریعهما التوسعیة و عن مساعي الهیمنة و تنکفئان داخل حدود بلدیهما و یکفیان المنطقة شر العداء و سباق التسلح والتدخل و الإبتزاز المتواصل.

لقد آن الأوان لتفکیك قدرات إیران النوویة و البالیستیة و إیقاف تدخلها في شؤون دول الجوار. کما إن الدبلوماسیة و الحوار و الإذعان للقوانین و المعاهدات الدولیة هو الحل الأمثل لتلك المشکلة. إلا إن ذلك لوحده لا یعید الإستقرار إلی المنطقة دون لجم التوسع الإسرائیلي بالمقابل و إیجاد حل عادل للقضیة الفلسطینیة بشکل یضمن حق تقریر المصیر للشعب الفلسطیني حیث تسقط حینها ذریعة التدخل الإیراني و الترکي في شؤون المنطقة.  

إن بناء الشرق الأوسط الجدید یستحیل دون ترك مصیر المنطقة و مقدراتها السیاسیة و ثرواتها لشعوبها و لیس جعلها ترسانة هائلة لشتی أنواع الأسلحة و السباق الجنوني للتسلح و مسرحا للتطرف و العنف.

لقد مر عقود طوال علی معاناة شعوب المنطقة من هذه الصراعات و العنف و الدمار الملازمة لها، صراع لا یمثل فیها أطرافها سوی مصالحها الضیقة و التي لا تتنافی مع مصالح أغلبیة جماهیرها فحسب بل و تقف معها علی طرفي نقیض.

لیس هناك للشعب الإیراني من سبیل للخروج من هذه الدوامة المزمنة و الصراعات الرجعیة بین هذین الطرفین و من یقف ورائهم و في جبهاتهم، سوی سعيهم ونضالهم المستقل المستند علی مصالح الأغلبیة الکادحة من الجماهیر و نبذ کل الهویات و العناوین الضیقة التي تثیر الشرذمة و الشقاق في صفوفهم. و لربما تؤدي مسار الحرب الراهنة و تداعیاتها إلی إحداث شروخ هائلة في جدران النظام الإسلامي في إیران بحیث تدب فیها الوهن بشکل یؤدي إلی تهاوي أرکان ومن ثم القضاء علیه  بعیدا عن روح المغامرات. کما إنه من الضروري وفي الوقت ذاته إفشال مشاریع القوی الرجعیة التي تدعي معارضة النظام القائم للوثوب إلی سدة الحکم تحت عناوین مزیفة أخری.

إن جماهیر کردستان إیران بوسعها أن تلعب دورا نضالیا متقدما نظرا لتجارب النضال الشعبي و إتساع القاعدة الجماهیریة و الإندفاع العملي المطلوب ضمن الحرکة العارمة لجموع الشعب الإیراني. کما إن سائر القوی السیاسیة الیساریة و الوطنیة و التقدمیة مدعوة للتعاون و رص الصفوف في إطار برنامچ وطني تعکس طموحات الجماهیر الغفیرة و تطلعها نحو الحریة و التقدم و المساواة و تمتع الشع الکردي بکامل حقوقه المشروعة ضمن التعایش المشترك في ظل نظام یرفع رایة الدیمقراطیة ذات الجذور الإجتماعیة الراسخة و العدالة والرفاه.

مركز الحرية والحياة

٢٣ حزيران ٢٠٢٥

zhyanewa
ADMINISTRATOR
PROFILE

پۆستە بازنییەکان

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked with *

دوایین بابەتەکان

ئەدمینەکان

زۆرترین لێدوان

ڤیدیۆی تایبەت

Processing, please wait…